بقلم – د. محمد نصار
جعلت الحرب الروسية – الأوكرانية العالم على صفيح ساخن سياسيا وعسكريا واجتماعيا، وأصبح العالم متقلب بشكل كبير بالمجال الاقتصادي الأكثر تأثيرا عالميا، وبعد مرور أكثر من 9أشهر على بدء تلك الحرب ، شهدت منطقة الشرق الأوسط موجة من الاضطرابات الاقتصادية الشديدة مثلها مثل بقية دول العالم ، وتسبب نقص الغذاء والتضخم في إثارة المخاوف من حدوث اضطرابات سياسية، وسط ما يشبه لعبة شد الحبل للحلفاء بين الغرب وروسيا، لكن من نواحٍ أخرى، ازدهرت بعض دول المنطقة بشكل هائل مع احتدام القتال، مضيفة مئات المليارات من الدولارات إلى اقتصادها .
فهناك عدد من النقاط التي سببتها الحرب بالمنطقة:
1 – مصدري النفط يستفيدون من الحرب وارتفاع أسعار الطاقة بشكل كبير
شهدت الحرب ارتفاع أسعار النفط إلى أعلى مستوى لها في 14 عاما، وقد أدى ذلك إلى ارتفاع معدلات التضخم والانكماش الاقتصادي على مستوى العالم، ولكن بالنسبة لدول الخليج الغنية بالطاقة، فإن الأخبار السارة تأتي بعد 8 سنوات من الركود الاقتصادي الناجم عن انخفاض أسعار النفط وجائحة كورونا، ويتوقع صندوق النقد الدولي أن الدول المصدرة للنفط في الشرق الأوسط ستحقق 1.3 تريليون دولار إضافية من عائدات النفط في السنوات الأربع المقبلة، بحسب ما نقلته صحيفة “فاينانشيال تايمز” الأسبوع الماضي، وبهذة الأموال الإضافية تعني أن دول الخليج سيكون لديها فوائض في الميزانية للمرة الأولى منذ عام 2014، ومن المتوقع أيضًا أن يتسارع النمو الاقتصادي بشكل كبير في الأشهر الأربعة الأولى من العام الجاري، على سبيل المثال، نما الاقتصاد السعودي بنسبة 9.9٪، وهو أعلى معدل نمو للملكة منذ سنوات.
كما أتاحت الحرب فرصا كبيرة لمنتجي الغاز في المنطقة على مدى عقود لتصدير منتجاتهم من الغاز الي دول اوروبا بعد حالة العداء الناتجة بين دول أوروبا وروسيا نتيجة الحرب ، وقرار أوروبا البحث عن بديل للغاز الروسي ، وبحثها عن شركاء جدد محتملين للشراء منهم، وتعهد قطر بتقديم نصف إجمالي طاقتها من الغاز إلى أوروبا في غضون 4 سنوات، مع توقيع الاتحاد الأوروبي صفقات غاز مع مصر وإسرائيل، وكلاهما يطمح لأن يكون مركزا للغاز الطبيعي في المنطقة، مع توقيع سمو الشيخ محمد بن زايد رئيس الإمارات منذ أسابيع اتفاقية تضمن تصدير الديزل من الإمارات إلى فرنسا، حتى أصبحت الدول التي تمتلك مصادر الطاقة بالشرق الأوسط مصدر الإنعاش الاقتصادي لقارة أوروبا وملاذها بالبقاء خلال العقد القادم.
2- أزمة غذاء عالمية تزيد من التوتر بالدول الفقيرة.
لقد أصابت الحرب دول العالم بالتوتر الشديد، خاصة الدول الفقيرة وصاحبة الاقتصاديات الضعيفة بالعالم ومنطقة الشرق الأوسط، وشعر العديد من دول العالم بتأثير اضطرابات شحن الحبوب في أعقاب غزو أوكرانيا، لكن الشرق الأوسط كان من بين الأكثر تضررا ، خاصة أن ثلث القمح في العالم من روسيا وأوكرانيا، وبعض دول الشرق الأوسط تعتمد على هذين البلدين في أكثر من نصف وارداته، وتعرضت ليبيا التي مزقتها الحرب ولبنان الممزق اقتصاديًا لضربة قوية من الاضطرابات في تصدير الحبوب، إلى جانب مصر، أحد أكبر مستوردي القمح في العالم.
وبعد استئناف صادرات الحبوب الأوكرانية في أواخر يوليو بعد اتفاق بوساطة الأمم المتحدة بين كييف وموسكو، استقرت أسعار المواد الغذائية العالمية نسبيا منذ ذلك الحين، لكن الكثيرين في الشرق الأوسط لا يزالون ينتظرون الشحنات المتوقعة من أجل إطعام شعوبهم الجوعي .
ويبد ان الحرب سوف تدوم سنوات، كما خطط لها، والخوف ان تنتقل من حرب بنطاق إقليمي بين دولتين جارتين الي حرب عالمية ثالثة، العالم غير قادر على تحملها او تحمل تبعاتها وتحمل استمرارها سنوات.
Autore Redazione Arabia Felix
Arabia Felix raccoglie le notizie di rilievo e di carattere politico e istituzionale e di sicurezza provenienti dal mondo arabo e dal Medio Oriente in generale, partendo dal Marocco arrivando ai Paesi del Golfo, con particolare riferimento alla regione della penisola arabica, che una volta veniva chiamata dai romani Arabia Felix e che oggi, invece, è teatro di guerra. La fonte delle notizie sono i media locali in lingua araba per dire quello che i media italiani non dicono.
