Home Arabia Felix إصلاح الائتلاف.. و”حصان إبليس” التائه بخطواته

إصلاح الائتلاف.. و”حصان إبليس” التائه بخطواته

1074


Download PDF

من لا يملك البوصلة سينتظر طويلاً في صحراء مترامية كيف ترسم السماء جهات الأرض لحظة الشروق، فالشمس لا تنبق سوى من الشرق، وهناك من يحاول أن يُنبقها من غربه الذي تاه فيه.

هذا ما يحدث مع الكائن الذي يُطلق عليه اسم “حصان إبليس”، وهو لقب حازته بجدارة نملة شهيرة سوداء ذات أطراف طويلة، يعرفها السوريون جيداً في الأرياف والمدن، قبل أن يهجم عليهم حصان الأسد المتوحش فيلتهم كل شيء، وتلك النملة كانت إذا ما تورطت ودخلت طنجرة فيها بعض طعام، تجدها تاهت وفقدت الاتجاه الذي أتت منه، فلا تعرف مخرجاً ولا مهرباً مما هي فيه.

فهل سيتمكن السوريون اليوم من ترويض ”حصان إبليس“ الذي جمح طويلاً بما عكس عجزهم عن الإصلاح والتقويم والمضي قدماً نحو ما يخدم الثورة وأهدافها؟ على ما يحمله لقب هذا الكائن من دلالات عميقة، نال منها الوعي الشعبي ما ناله حين نسبها إلى إبليس والشرور والفتنة والضياع التي يجلبها.

لقد حدث ذلك بطريقة تبدو غير قابلة للقياس، فالإصلاح المنشود هو ضرورة لحركة الواقع الذي سُدّت أمامه الأبواب، على اعتبار أن فعل الإعاقة يحدث من داخل البنية، فيأتي الإصلاح لتعديل الحال والمسار.

ولكن يجب الاعتراف قليلاً بأمر هام، هل يسير الائتلاف وفق روزنامة زمنية في تنفيذ برنامج إصلاحه؟ وهل خطوات الإصلاح متكاملة تؤدي في النهاية إلى تغيير البنية المعطَّلة بأخرى منفتحة على حاضنتيها الثورية والشعبية؟

إن بطء عملية الإصلاح والتردد في اتخاذ المواقف التي تخدمه، إنما تشكّل إعاقة جديدة شئنا أم أبينا، فالبطء هنا يسمح لعوامل خارج البنية وداخلها أن تلعب دوراً تخريبياً لمسار الإصلاح الشامل، هذا المسار، يحتاج حقاً إلى برنامج إصلاحي متكامل وحيوي، كما يحتاج إلى شخصيات ومجموعات سياسية كنهها الإصلاح، وهدفها المضي بالقضية الوطنية المتمثلة بالانتقال السياسي في سورية إلى برّ الأمان.

فهل ما جرى من خطوات عملية في الائتلاف الوطني منذ بدء عملية الإصلاح في الأسبوع الأول من نيسان الماضي يكفي أن نركن إليه؟ وهل حين ننبري بالقول إننا نسير بمسار الإصلاح نكون قد أنجزناه؟ أسئلة مشروعة يطرحها السوريون في جلساتهم هذه الأيام، رغم ميلهم الجاد إلى الدفع بهذا الإصلاح الشامل لاستعادة ممثلهم السياسي المعترف به دولياً.

إن خطوات الإصلاح التي تمّ البدء بها لا تزال في مربعها الأول، من حيث تغييرات تجري على البنية ومكوناتها، ومن حيث وضع استراتيجية عمل ذات بعدين قريب وبعيد، بما يحتمل تشكيل فريق عمل سياسي وقانوني يعمل بإشراف مكتب العلاقات الخارجية، يتصدى لمهمات شرح ومتابعة القضية السورية في غير عاصمة.

تحتاج عملية إصلاح الائتلاف الوطني إلى فريق عمل متماسك، يسخّر جهوده لدفع هذه العملية لتأتي أُكلها بعد حين، هذا الفريق ينبغي أن يكون كما يريد السوريون بحركة دائبة، سيما بعد رفد الائتلاف بطاقات الشباب من الجنسين المؤهلين معرفياً وعلمياً ولديهم خبرات جيّدة.

وبكل الأحوال فإن محاولات عرقلة مسار الإصلاح الشامل في الائتلاف هدفها إرباك هذا الإصلاح، والخاسر منها هو الجميع، ولهذا لا يجب الركون إلى الخطوات الجزئية في هذه العملية، بل وضع روزنامة حازمة لتنفيذ البرنامج الإصلاحي، وهذا سيدعم قريباً عمل هيئة المفاوضات، وعمل فريق المعارضة الخاص باللجنة الدستورية.

وبوصفها المرجع الأعلى لهيئة التفاوض السورية، وتأثيرات ما يجري فيه تنعكس مباشرة على عملية التفاوض، فإن قوة هذه العملية لا يجب أن تُبنى على قاعدة الاختلال الداخلي، والهرب منه والركون على إرادة المجتمع الدولي، فهذه الإرادة غير المهتمة جدياً بضرورة تنفيذ القرار الدولي 2254، لا يمكنها فرض واقع تفاوضي يقود إلى حلٍ سياسي بدون الأخذ بميزان القوى على الأرض.

من هنا تأتي مهمة الإصلاح الشامل في الائتلاف الذي يقوده الرئيس الحالي السيّد سالم المسلط لإعادة التلاحم بين القيادة السياسية (الائتلاف)، وبين الحاضنتين الشعبية والثورية.

فهل ينجح المسلط وفريق عمله في تحقيق هذه المعادلة؟ وهل يستطيع العبور بالائتلاف من بنيته المعطلة السابقة إلى بنيته الجديدة المتوخاة، والتي ستكون قادرة على الحشد وتعميق الصراع بما يخدم الانتقال السياسي في سورية وترحيل نظام الاستبداد إلى مثواه في مزبلة التاريخ؟

الأجوبة على هذه الأسئلة الشعبية والثورية تكون خطوات عملية حاسمة في مسار الإصلاح الشامل، هذا ما ينتظره السوريون من الائتلاف الوطني هذه الأيام.

Autore Redazione Arabia Felix

Arabia Felix raccoglie le notizie di rilievo e di carattere politico e istituzionale e di sicurezza provenienti dal mondo arabo e dal Medio Oriente in generale, partendo dal Marocco arrivando ai Paesi del Golfo, con particolare riferimento alla regione della penisola arabica, che una volta veniva chiamata dai romani Arabia Felix e che oggi, invece, è teatro di guerra. La fonte delle notizie sono i media locali in lingua araba per dire quello che i media italiani non dicono.