Home Arabia Felix الكارثة السورية تكبر وتتعمّق.. وبيدرسون لا يهمه سوى الاحتفاظ بمهمته

الكارثة السورية تكبر وتتعمّق.. وبيدرسون لا يهمه سوى الاحتفاظ بمهمته

590


Download PDF

إحاطة غير بيدرسون التي قدمها أمام مجلس الأمن الدولي بتاريخ 2022/1/26 لم تكن مجرد إحاطة فحسب، بل هي اعتراف علني بالكارثة السورية، نتيجة حرب يشنها النظام الأسدي وحلفه الروسي الإيراني على الشعب السوري، هذه الكارثة تزداد يوماً وراء يوم كبراً وتعمُّقاً.

اعترف بيدرسون بضربات جوية على إدلب، ولكنه لم يجرؤ على تسمية الفاعل الروسي لهذه الضربات، وتحدّث عن أعمال عدائية في منطقة الجزيرة (شرق الفرات)، دون أن يتحدث عن مسبّبات هذه الأعمال العدائية، وأن ما يسمّى قوات سورية الديمقراطية هي من يقف خلف هذه الأعمال، تحدّث بيدرسون عن هجمات بعبوات ناسفة في منطقة الشمال السوري المحرر ولم يُشر إلى جهات التنفيذ، حيث يقف خلف هذه الهجمات عملاء نظام الأسد و”قسد”.

قال بيدرسون في إحاطته إن هناك 14 مليون سوري بحاجة للمساعدات الإنسانية، وهناك عشرات الألوف من المعتقلين والمخطوفين والمفقودين، وإن التعليم يتدهور والشباب يبحثون عن أي فرصة لمغادرة البلاد.

ويستنتج بيدرسون أن الحل العسكري ضرب من الخيال، لكنه يذهب إلى لا حلٍّ سياسي، إذ يطالب باتباع أسلوب جديد من التفاوض، أطلق عليه اسم خطوة مقابل خطوة.

هذه الخطوات يتخيّل بيدرسون أنها قابلة للتنفيذ، وأنها ستقود عملية التفاوض إلى نهايتها السعيدة عبر توافقات محتملة بين فريق التفاوض، فريق قوى الثورة والمعارضة وفريق نظام الأسد.

بيدرسون يهمل في إحاطته أموراً كثيرة وجوهرية، هذه الأمور تتعلق بطبيعة نظام الأسد، وتتعلق بالحلف الروسي الإيراني الميليشياوي، هذا الحلف دخل الصراع إلى جانب نظام الاستبداد ضد الثورة السورية من مقدمات مختلفة، فالروس أخذوا الورقة السورية رهينةً لتفاوضٍ محتملٍ مع الغرب على قضايا صراعية بين الطرفين، ولهذا، لا يمكن للروس أن يتقدموا باتجاه حلٍّ سياسي للصراع السوري، لقناعتهم أن حلّ هذا الصراع لن يخدمهم إستراتيجياً، لأنهم سيخسرون ورقة تفاوض مع الغرب لقاء وعود أو مكاسب صغيرة.

الروس يدركون أن الغرب يحاولون محاصرة نظامهم السياسي، انطلاقاً من عدم ثقة هذا الغرب بروسيا البوتينية حليفة الصين في الصراع القادم، ولهذا هم فعلياً مَن يضع العصا في دولاب حل الصراع السوري، ليقينهم كما يتخيلون، أن السوريين لن ينسوا مناصرتهم لنظام الأسد، ومنع الانتقال السياسي في البلاد، وأن الغرب لن يدفع لهم ما يريدونه من استثمارهم في الصراع السوري، الذي لا يمكن برأيهم عزله عن حزمة الصراعات بينهم وبين هذا الغرب.

إن فهم طبيعة وأسباب هذا الصراع بين الشعب السوري وقواه الثورية، وبين نظام الاستبداد الأسدي، من قِبل غير بيدرسون، يعني بالضرورة اعتذاره عن استمراره في تأدية مهمته، فاستمرار هذه المهمة بدون نتائج تُذكر، يعني بالمفهوم السياسي، أن مهمة هذا الوسيط الدولي انتقلت من كونها تيسيراً لمفاوضات مجدولة زمنياً، إلى كونها مهمة تؤمّن لهذا الوسيط دخلاً مالياً وعلاقات مع الدول وزيارات سياحية.

أخلاقياً، استمرار بيدرسون في مهمته المستحيلة يعني انحيازه إلى تفريغ قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254، الصادر بتاريخ الثامن عشر من كانون الأول/ ديسمبر عام 2015 من مضمونه، هذا الانحياز، يأتي وبكل شفافية، من عدم وضع جدول زمني لمفاوضات تتعلق بجوهر القرار المذكور، وعدم بيان أن من يعرقل هذه المفاوضات، ويمنع تنفيذ ذلك القرار هو النظام وحلفه.

إن حديث بيدرسون عن جمود إستراتيجي على خطوط التماسّ، وقناعته بأن الحل العسكري ضربٌ من الخيال، يستدعي بيان ذلك صراحةً وشفافيةً منه، بأنه غير قادر على تيسير تنفيذ القرار 2254، الذي تم تعيينه كوسيط من أجل تنفيذه، ويتطلب اعتذاراً منه عن الاستمرار بمهمة مفخخةٍ بقرار دولي غير مجدول زمنياً وغير ملزمٍ، وبالتالي من الواجب الأخلاقي عليه، أن يوضح لمجلس الأمن، أن هذا القرار يحتاج من أجل تنفيذه قراراً إضافياً، يتعلق بإلزامية التنفيذ وجدولة ذلك زمنياً.

إن طرح بيدرسون لما سماه خطوة مقابل خطوة، هو طرح العاجز المتهرب من مواجهة الحقيقة، فالقرار المذكور، تمّ بيانه من خلال نقاطه الرئيسة، وهي الحوكمة والدستور والانتخابات بإشراف دولي، وإن القفز فوق هذه النقاط، هو شكلٌ من أشكال تبرير عدم القدرة على إلزام النظام الأسدي، على الدفع بالتفاوض، إلى نهايات تخدم كل السوريين المتضررين من استمرار حرب النظام على شعبه.

إن بيدرسون الذي يتحدث عن دبلوماسية خطوة مقابل خطوة، ينسى أن النظام الأسدي لا يريد أن ينفّذ القرار الدولي المشار إليه، لأنه قرار يتناقض مع وجوده الكلي كنظام قابض لسورية، على هيئة مزرعة خاصة بآل الأسد ومناصريه.

فكيف يستطيع بيدرسون إقناع السوريين، بأن خطوة مقابل خطوة، تعني فتح ملف المعتقلين والمخطوفين والمفقودين، فهؤلاء، لا يمكن للنظام الإقرار بما فعله بهم رسمياً، لأن الأمر يشكّل إدانة له، ويثبّت انتهاكاته للقوانين الدولية المتعلقة بجرائم الحرب، والجرائم المرتكبة ضد الإنسانية.

إن الأمم المتحدة عاجزة عن إيصال المساعدات الإنسانية لمستحقيها من السوريين، بسبب أن النظام يتصرف بها خارج السياق المخطط لها، فهو يبيعها في السوق السوداء، ويوزع قسماً منها على مناصريه، وليس على المحتاجين لهذه المساعدات، ولهذا، لا يمكن إيصال هذه المساعدات بصورة شفافة من خلال نظام يتاجر بكل شيء.

وفق هذه الحال الملموسة، كيف يستطيع بيدرسون إقناع اللاجئين الهاربين من بطش نظام الأسد بالعودة الآمنة إلى ديارهم بوجود هذا النظام الدموي، هل دبلوماسية خطوة مقابل خطوة ستسمح بخلق الأمان للسوريين اللاجئين؟ من يصدق أن العقرب يمكن إقناعه بعدم القيام بوظيفته البيولوجية (اللدغ)، ومن يمكنه الثقة بنظام ارتكب كل أنواع الجرائم ضد الشعب، بأن من الممكن التعامل معه خطوة بخطوة؟ أليس هذا الأمر يعني الهرب من العجز، والذي يرتكبه ويمارسه السيد غير بيدرسون، لماذا لا يقول الحقيقة؟ فهل دماء السوريين صارت ورقة تفاوض على أجزاء حلٍّ لا يلغي الاستبداد؟.

إن قوى الثورة والمعارضة، وفي مقدمتها فريقها في اللجنة الدستورية مطالبة باتخاذ موقف رافض لدبلوماسية بيدرسون المسماة خطوة بخطوة، ومطالبة بأن تعلن أن المفاوضات حول القرار 2254 هي رزمة واحدة بالسلال الأربع  وأن الاكتفاء بنتائج اللجنة الدستورية، التي لا نعرف هل سينتج عنها دستور وطني أم دستور يناسب صورة تأهيل نظام الأسد أم لا هو تنازل صريح عن حقوق السوريين، فهل ستفعل ذلك قوى الثورة والمعارضة؟ أم أنها ستسير مع تيار الإرادة الروسية المعادية للشعب السوري وثورته؟.

Print Friendly, PDF & Email

Autore Redazione Arabia Felix

Arabia Felix raccoglie le notizie di rilievo e di carattere politico e istituzionale e di sicurezza provenienti dal mondo arabo e dal Medio Oriente in generale, partendo dal Marocco arrivando ai Paesi del Golfo, con particolare riferimento alla regione della penisola arabica, che una volta veniva chiamata dai romani Arabia Felix e che oggi, invece, è teatro di guerra. La fonte delle notizie sono i media locali in lingua araba per dire quello che i media italiani non dicono.