جريمة جنديرس في العشرين من آذار الماضي كانت جريمة فردية تعكس جهل وطيش من قام بها ضد شبانٍ من كرد سورية، كانوا يحتفلون بعيد النوروز، الذي يتم الاحتفال به في الحادي والعشرين من آذار من كل عام، من قبل المكون الكردي في سورية، ومن مكونات إثنية أخرى في دول الجوار، فهذا العيد هو عيد الربيع في المنطقة.
المجلس الوطني الكردي الممثّل في الائتلاف الوطني السوري، لم يطرح هذه الجريمة على بساط البحث في الإطار السياسي الذي ينتمي إليه (الائتلاف الوطني)، إنما أراد استثمار هذه الجريمة الفردية المدانة بصيغة أهداف سياسية تخدمه، دون تدقيق على حقيقة هذه الجريمة، ودوافعها الفردية، التي بدأت بملاسنة، ثم شجار بالأيدي وتراشق بالحجر، ثم إطلاق رصاص على الشبان الكرد المحتفلين أمام بيتهم بعيدهم النوروز.
اتهام المجلس الوطني الكردي لفصائل عسكرية ممثلة بالائتلاف، بأنها تقف خلف جريمة جنديرس الفردية، هو اتهام يراد منه تحقيق أهداف سياسية لصالح هذا المجلس، هذا الاتهام يخرق انتماء المجلس الوطني الكردي للائتلاف الوطني، حيث تتقدم المصلحة الذاتية السياسية للمجلس على حساب المصلحة الوطنية الجامعة للمكونات المؤتلفة في إطار الائتلاف.
لقد عملت الفصائل العسكرية المنتمية للجيش الوطني السوري التابع للحكومة المؤقتة على رفض واستنكار هذه الجريمة الطائشة، وعملت وبسرعة كبيرة على اعتقال منفذي هذه الجريمة النكراء، وقامت بتسليم القتلة المجرمين إلى الجهات المعنية بالتحقيق معهم (الشرطة العسكرية)، والتي بدورها ستحيلهم إلى القضاء المعني لمحاسبتهم وعقابهم وفق القوانين المعمول بها.
إن اتهام فصائل الجيش الوطني بأنها منفلتة ولا ضابط لها هو اتهام فيه كيدية معلنة، وتحديداً في مناطق عفرين، التي تمّ تحريرها بعملية غصن الزيتون، وطرد ميليشيات (قوات سوريا الديمقراطية الانفصالية منها).
لم يقف المجلس الوطني الكردي ضد قوات سوريا الديمقراطية رغم أنها رفضت أن يكون له دور في إدارة المناطق التي كانت تديرها هذه القوات، والسبب في ذلك هو أن قسد لا تريد شريكاً كردياً لها في مناطق سيطرت عليها بمساعدات خارجية، فكيف يتجاوز المجلس الوطني الكردي إطار الائتلاف الوطني، ليرسل رسالة إلى أمين عام الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، يطالب فيها ما يحقق له أهدافاً سياسية خاصة به.
فالمطالبة بإخراج جميع الفصائل المنتمية للجيش الوطني من مناطق حررتها من قبضة ميليشيا قسد الانفصالية، يعني ترك هذه المناطق بدون حماية، وهذا يسمح للقوى المعادية للثورة السورية بالعمل ضمن هذه المناطق، لأهداف لا تخدم الثورة السورية والشعب السوري.
إن الفصائل العاملة في مناطق غصن الزيتون هي فصائل خاضعة لوزارة دفاع الحكومة المؤقتة، فكيف يتجاوز المجلس الوطني هذه الحكومة والقيادة السياسية لقوى الثورة والمعارضة وهو جزء من ائتلافها؟ أليس الأجدر بهذا المجلس الوطني الكردي أن يطالب بفتح تحقيق تقوم به وزارة دفاع شارك باختيار وزيرها؟.
أما ما يخصّ إدانة جريمة جنديرس، فالسوريون أدانوها، وطالبوا باعتقال ومحاسبة من فعلها، والتيقن عبر التحقيقات من دوافع هذه الجريمة، ومن يقف خلفها، وتمّ ذلك بسرعة كبيرة.
أما نقل جريمة عادية غير سياسية، ولا علاقة للفصائل العسكرية بها، إلى مرتبة جريمة تطهير عرقي أو تصفيات سياسية، والمطالبة بتقديم الجناة إلى محكمة الجنايات الدولية، فهذا فعل سياسي يقوم به المجلس الوطني الكردي غايته من ذلك استثماراً سياسياً يمهّد الطريق له لحكم مناطق غصن الزيتون على اعتبارها مناطق كردية وهم ممثل سياسي لها.
هذا الطرح غير مقبول لأنه تشكيك بقدرة الحكومة المؤقتة على إدارة المناطق مدنياً، وهو طرح مرفوض إذ أنه يميّز مناطق غصن الزيتون عن بقية مناطق الشمال المحرّر، فكل هذه المناطق هي مناطق سورية، وبالتالي لا يمكن التمييز بين هذه المنطقة وتلك.
لا أحد يرفض أن تنشأ إدارات مدنية من سكان المناطق السورية، ولكن تخصيص مناطق عفرين وجنديرس وكأنها مناطق ذات امتياز خاص هو شكل من أشكال التمييز بين مناطق الشمال المحرر، فقسد تالتي تحتل مناطق شرق الفرات لا تستطيع الادعاء على أنها ممثلٌ لسكان الجزيرة والفرات، وهي تفرض سلطة الأمر الواقع معتمدة على دعم الأمريكيين لها.
إن مشكلة النازحين السوريين هي مشكلة وطنية وسياسية من الطراز الأول، والمطلوب ليس عودة أهالي عفرين وجنديرس فحسب وهذا حق لهم، ولكن المطلوب حلّ مشكلة كل النازحين السوريين عن مناطقهم التي تسيطر عليها ميليشيات غير وطنية وفي مقدمتها ميليشيا قسد.
إن رسالة المجلس الوطني الكردي الموجهة للأمين العام للأمم المتحدة تحمل دلالات متعددة:
فهي وببساطة تتجاوز الائتلاف الوطني الذي تنتمي إليه، وهي رسالة تحرّض على الجيش الوطني وفصائله التابعة للحكومة المؤقتة المنبثقة عن الائتلاف الوطني، الذي تنتمي إليه، فهل رأيتم من يحرّض على إطاره السياسي؟ هذا إذا كان المجلس الوطني الكردي مدركاً لخطوته الخطيرة والمرفوضة.
الجيش الوطني وفصائله الموجودة في غصن الزيتون هي فصائل لكل السوريين دون تمييز، وغير ذلك فالأمر يخفي أجندات لا تخدم وحدة السوريين وثورتهم وإرادتهم بإقامة دولة مدنية ديمقراطية تعددية بعد الانتقال السياسي من نظام الاستبداد الأسدي إلى دولة المواطنة الواحدة.
Autore Redazione Arabia Felix
Arabia Felix raccoglie le notizie di rilievo e di carattere politico e istituzionale e di sicurezza provenienti dal mondo arabo e dal Medio Oriente in generale, partendo dal Marocco arrivando ai Paesi del Golfo, con particolare riferimento alla regione della penisola arabica, che una volta veniva chiamata dai romani Arabia Felix e che oggi, invece, è teatro di guerra. La fonte delle notizie sono i media locali in lingua araba per dire quello che i media italiani non dicono.