لم تحرّم الأديان السماوية عمل المرأة، ففي الإسلام يعتبر العمل جزءاً من العبادة، ولم تفرّق الآيات القرآنية أو الأحاديث النبوية في خطابها بين الرجل والمرأة، كذلك لم تفرّق بحسب الجنس.
وتكثر المقولات والشعارات عن فضل المرأة وأهمية دورها في المجتمع، ولكن جميعها يفقد معناها على أرض الواقع. والتحديات والمعاناة التي تواجه المرأة السورية باتت واضحة كالشمس، فقد كانت المرأة السورية إلى جانب الرجل في كل مراحل الحياة.
بالرغم من ذلك لم تحصل المرأة على حقها في اتخاذ القرارات المتعلقة بها، وتعرضت لجميع أنواع الانتهاكات والاعتداء الجنسي والقتل، وأصبحت في الآونة الأخيرة هدفاً لأجهزة الأمن في أخذها رهينة لإجبار قريبها الرجل على تسليم نفسه.
ويتفاوت مدى الحريات الممنوحة للمرأة، حيث يتم النظر إليها باعتبارها إنساناً قاصراً، والإنسان القاصر يحتاج دائماً إلى ولي من ذكور العائلة، فمثلاً أمر الزواج والطلاق وحضانة الأطفال ونسبهم هو أمر خارج إرادة المرأة، بالرغم من أنها إنسان كامل الأهلية على مستوى الوعي الإنساني أو على مستوى الانخراط بسوق العمل سواء العلمي أو غير العلمي، وهذه الحريات أصبحت أكثر غياباً في ظل الحرب في سوريا.
لقد أصدرت الأمم المتحدة قراراً بتاريخ السابع من تشرين الثاني/نوفمبر عام 1967 برقم 2263 (د22) بمثابة إعلان القضاء على التمييز ضد المرأة.
لقد نصّ دستور عام 1973 في المادة 45 منه على ما يلي: “تكفل الدولة للمرأة جميع الفرص التي تتيح لها المساهمة الفعّالة والكاملة في الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية، وتعمل على إزالة القيود التي تمنع تطورها ومشاركتها في بناء المجتمع العربي الاشتراكي”.
هذا المادة من الدستور لا تعني المساواة بين الرجل والمرأة، فإتاحة الفرص لا تعني المساواة، ولذلك لا يمكن الادعاء بأن المرأة أخذت حقوقها في هذا الدستور الذي يدفق ذكورة فاضحة.
أما دستور عام 2012 لم يغيّر من وضع المادة 45 من دستور عام 1973. فقد نصت المادة 33 على (توفر الدولة للمرأة جميع الفرص التي تتيح لها المساهمة الفعّالة والكاملة في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وتعمل على إزالة القيود التي تمنع تطورها ومشاركتها في بناء المجتمع).
هذه حال المرأة السورية، فهي لا تزال رهن قيود الذهنية الذكورية المتسترة حيناً بمقولات دينية لا علاقة لها بمساواة المرأة والرجل، فالله لم يميّز بينهما كجنسين في الثواب والعقاب.
وبالعودة إلى دستور عام 2012، فقد نصّت الفقرة الثالثة من المادة 33 فيه على أنه (لا تمييز بين السوريين بسبب الجنس أو الأصل أو الدين أو العقيدة).
لا تزال القوانين العامة المعمول بها في سورية تتعامل مع المرأة كـ “قاصرٍ”، وهذا يكشف عيباً عميقاً في وعي المجتمع لأهمية حرية المرأة ونيل حقوقها دستورياً.
إن وصول المرأة إلى حقوقها يحتاج إلى نصوص دستورية تدّل بشكل صريح وغير قابلٍ للتأويل والتفسير، فمثلاً لا تزال مؤسسات الحكم في البلاد تحت سيطرة الرجل في وقت يحتاج الدستور السوري إلى تعديلات واضحة على حصة المرأة كنسبة في مؤسسات الدولة القيادية، فمن حقها أن تحصل على نسبة لا يجب أن تقل عن 40% في مجالس القضاء عموماً ومجالس القضاء الأعلى خصوصاً، كذلك يجب أن تنال نسبة 40% في شغل مقاعد البرلمان الوطني، أو مقاعد المجالس المحلية في المحافظات.
إن نصاً قانونياً يتعامل مع المرأة البالغة من العمر الثامنة عشرة بنفس التعامل مع الرجل البالغ ذات العمر، هو تجاوز للهوّة الفاصلة بين الجنسين، وهو منعٌ حقيقي للتمييز بينهما في كل مجالات الحياة الاجتماعية والاقتصادية والعلمية والثقافية والسياسية.
هناك حاجة لإعادة النظر بقوانين الأحوال الشخصية بما يخصّ حقوق المرأة على مستوى الزواج ما دامت مساوية للرجل في الحقوق والواجبات، وينسحب مثل هذا الأمر في حالة الطلاق وفي حضانة الأطفال وفي حق المرأة المتزوجة من غير السوري منح جنسيتها لأولادها.
كما ذكرنا لا تزال المرأة السورية بعيدة عن مساواتها مع الرجل رغم أن الأعباء التي تقع على كاهلها هي أكبر وأثقل من تلك التي تقع على كاهل الرجل، وتحديداً في مجتمعات الريف السوري، الذي لا تزال المرأة فيها رهن ذكورية قاسية.
ومع الإقرار بوجود تهميش، وربما ظلم للمرأة في المجتمع السوري فإن مواجهة ذلك تتطلب جهوداً متراكمة تتوجه إلى كلا الطرفين الرجل والمرأة من ناحية التوعية والتثقيف بالتوازي مع إقرار ترسانة قانونية تحمي المرأة والأسرة بشكل عام ولا تجعل أياً من الرجل والمرأة خصماً مفترضاً للآخر بل هما في شراكة يفترض أن تبنى على الاحترام والتفاهم ومحمية بقوانين رادعة ومنصفة.
Autore Redazione Arabia Felix
Arabia Felix raccoglie le notizie di rilievo e di carattere politico e istituzionale e di sicurezza provenienti dal mondo arabo e dal Medio Oriente in generale, partendo dal Marocco arrivando ai Paesi del Golfo, con particolare riferimento alla regione della penisola arabica, che una volta veniva chiamata dai romani Arabia Felix e che oggi, invece, è teatro di guerra. La fonte delle notizie sono i media locali in lingua araba per dire quello che i media italiani non dicono.