Home Arabia Felix حركة التحرير والبناء.. البعد السياسي الذي لا يزال غائباً

حركة التحرير والبناء.. البعد السياسي الذي لا يزال غائباً

767


Download PDF

لا تنتصر الشعوب بالحروب العسكرية وحدها، بل تنتصر عندما تمتلك استراتيجية متكاملة الأبعاد على المستويات العسكرية والسياسية والاجتماعية، فهذه الأبعاد لا تعمل منفردة لتحقيق النصر، بل تعمل بتزامن مدروس، تكون فيه البيئة المستهدفة للتحرير بيئة توفر كل المعلومات والمعطيات التي يستخدمها العدو، لتوظيفها في هزيمته بأقل التضحيات وبأسرع الانتصارات.

وفق هذه الرؤية يمكننا أن نطرح الأسئلة المشروعة على فصائل قوى الثورة المنتمية للمنطقة الشرقية من سوريا بمحافظاتها الثلاث (دير الزور والرقة والحسكة)، فنقول مثلاً، كيف يمكن تحويل الطاقة الشعبية الصامتة في لحظة حرب التحرير إلى قوة إضافية فاعلة تساعد على تفكك بنى العدو العسكرية والنفسية والاجتماعية بسرعة شديدة، إذ سيتفاجأ هذا العدو بانقلاب ما كان يعتقده بيئة آمنة إلى بيئة ساحقة لوجوده.

هذا ليس كلاماً نظرياً مجرّداً، بل هو نتيجة تخطيط استراتيجي يتمّ العمل عليه بصبر وتؤدة ليثمر لاحقاً نصراً مستحقاً.

إن اتحاد فصائل قوى الثورة المنحدرة من المنطقة الشرقية من سوريا لا يعني اكتمال بناءها الاستراتيجي، فهي ليست مجرد أداة عسكرية تقوم بمهام وهجمات تؤدي إلى دحر العدو وطرده من هذه المناطق، فهذا فعل مفيد ولكنه غير كاف.

وفق هذه الرؤية الملموسة يمكن وضع الإصبع على الجانب السياسي لحركة التحرير والبناء، وحين نقول “الجانب السياسي” فنحن نقصد استراتيجية إعادة بناء الروح الوطنية لأبناء المنطقة الذين لا يزالون يرزحون تحت بنادق قوى الاحتلال، هذه الروح التي مزقتها القوى المعادية عبر وسائل وأساليب مختلفة، منها محاولة تغيير البنى الفكرية والدينية والاجتماعية، فهذا التغيير يمنع تشكّل الحس الوطني الجامع، ما يسهّل على العدو السيطرة والهيمنة على السكان وثروات المنطقة.

الجانب السياسي لحركة التحرير والبناء بصيغته الحالية هو حالة تجميع أولية للمكاتب السياسية للفصائل الثورية المنحدرة من المنطقة الشرقية، دون أسس رؤية عمل سياسي استراتيجي، والمعنى الواضح هو ضرورة وجود نظرية سياسية خاصة بالمنطقة وتكون جزءاً من نظرية سياسية وطنية سورية، لا تناقض بين جذريهما وبين هدفيهما، لأنهما يكملان بعضهما بعضاً.

هذه الاستراتيجية تمَ نقاشها سابقاً قبل تشكّل حركة التحرير والبناء، فالشعوب لا تقودها البنادق، بل تقودها أهدافها السياسية والاقتصادية والاجتماعية.

مثل هذه الرؤية تمت مناقشتها منذ وقت سابق مع قائد حركة أحرار الشرقية “أبو حاتم شقرا” وكان لدى حركته مكتب سياسي، ولكن هذا المكتب لم يرسم استراتيجيته الوطنية الخاصة بالمنطقة الشرقية.

وحركة التحرير والبناء التي اشتقت اسمها من مصطلحين يُفترض أن يتكاملا نظرياً وعملياً وهما (التحرير) و(البناء). فحين نقول “التحرير” هذا يعني وفق المصلحات المحددة لهذا المفهوم هو تحرير الأرض وتحرير الانسان.

تحرير الأرض يعني طرد قوى الاحتلال من المنطقة وسحقها، أما تحرير الانسان فهذا يعني إعادة بناء منظومته القيمية التي عمل العدو على تمزيقها، وأول هذه المنظومة هو بناء مفهوم الوطنية لدى الشعب، فهو مفهوم جامع ومربع تفاعل فكري سياسي اجتماعي اقتصادي، يسمح بتطوره بنهوض قوى الشعب ونمو فعاليتها.

أما مصطلح البناء فهو على علاقة جدلية مع مفهوم التحرير، فكلا المفهومين يتبادلان التأثير وإنتاج التغيير نتيجة هذا التبادل الحيوي. فالبناء ليس مجرد بناء للقاعدة التحتية للمجتمع (خدمات الحياة من طرق ومدارس وكهرباء ومياه شرب نظيفة ودوائر خدمات صحية وثقافية وغيرها)،  بل هو بناء الإنسان خارج نزعات ما قبل الوطنية التي تفرّق ولا توحد.

إن قيادة حركة التحرير والبناء باعتبارها قوة المنطقة الشرقية المهيأة للتحرير والبناء، معنية بوضع استراتيجية واضحة يطلع عليها ويتفاعل معها الشعب الذي لا يزال صامداً في أرضه. لذلك لابدّ من إعادة النظر ببنية المكتب السياسي ومهامه الاستراتيجية وتوسيع قاعدته التي يجب أن تشرف عليها قيادة حركة التحرير والبناء.

إن شروط توسيع دور وعمل وبنية المكتب السياسي ضرورة حاسمة لحركة التحرير والبناء والتي هي جزء حقيقي من الحيش الوطني السوري.

فهل سنتوقع إعادة انتاج للرؤية السابقة التي يعمل وفق نسقها المكتب السياسي بصيغته الحالية، هذا ما نتوقعه من قيادة حركة التحرير والبناء الشابة ذات الخبرات العسكرية والسياسية؟

فإذا تمّ ذلك ستكون حركة التحرير والبناء قد امتلكت بوصلة نضالاتها الاستراتيجية دون الوقوع بالارتجال والتقديرات الذهنية المؤقتة، في مواجهة مستحقات التحرير والبناء.

Autore Redazione Arabia Felix

Arabia Felix raccoglie le notizie di rilievo e di carattere politico e istituzionale e di sicurezza provenienti dal mondo arabo e dal Medio Oriente in generale, partendo dal Marocco arrivando ai Paesi del Golfo, con particolare riferimento alla regione della penisola arabica, che una volta veniva chiamata dai romani Arabia Felix e che oggi, invece, è teatro di guerra. La fonte delle notizie sono i media locali in lingua araba per dire quello che i media italiani non dicono.