Site icon ExPartibus

في تفاصيل مشروع إصلاح الائتلاف وسياقه الراهن



باعتباره الممثل الشرعي والوحيد للشعب السوري،[1] وبطموح مكوناته خلال سنوات الصراع الطويل لتقديم البديل السياسي المعارض – بمصداقية وطنية وعالمية كبيرة – وإدراكاً من قيادته لأهمية المرحلة الحالية من الصراع على سوريا، وما فرضته مصالح وموازين القوى العسكرية من التوصل إلى “صفقة سياسية” بين الدول والأنظمة التي تورطت في حروب تقاسم سوريا إلى حصص ومناطق نفوذ بين 2015-2020، تترك نتائجها تأثيراً مباشراً، وبعيد المدى، على الخارطة السياسية السورية، وعلى مآلات مستقبل النظام السياسي السوري، وتتيح، كما يبدو لقيادة الائتلاف والقوى الإقليمية الداعمة له، فرصة واقعية لممارسة معظم نشاطه في الداخل السوري، حيث يكون على احتكاك مباشر مع حياة ملايين السوريين في المناطق التي تقع تحت سيطرة اجهزته السياسية والعسكرية؛ وفي ظل هذه المستجدات[2]، كان من الطبيعي أن تبادر قيادة الائتلاف – بشخص رئيسه وهيئته السياسية، وبالتنسيق المباشر مع القوى الاكثر فاعلية داخل مؤسساته، وعلى الارض، كما مع الحكومة التركية، الدولة المضيفة، والحاضنة الأهم لوجود وتطلعات ملايين المهجرين السوريين، والأحرص على مصالحهم – على إجراء حملة إصلاح شاملة، ركزت على تجديد وتنشيط الجسد السياسي، والهيكلية التنظيمية، وآليات العمل، وطالت تغييراتها عشرات الأشخاص، وبضعة مكونات سياسية، أصبحت، من وجهة نظر القيادة، عثرة في طريق تحقيق المهام الجديدة، التي تقتضي تركيز العمل والنشاط في الداخل السوري، وبما يرفع عمل الائتلاف إلى مستوى طموحات وآمال ملايين السوريين، ولا يضعف من هذا العامل المحفز الجديد واقع عدم حصول إجراءات الإصلاح الحالي خارج السياق التاريخي!

في السياق التاريخي لخطة الإصلاح الشامل الراهنة التي تقودها هيئات الائتلاف الرئاسية والسياسية يمكن التوقف عند محطات عديدة، بذلت عندها قيادات الائتلاف السابقة جهوداً واضحة لتعزيز شرعية التمثيل الوطني، وتجديد آليات عملها، وإضفاء عليها المزيد من المصداقية، والشمولية؛ فتمت زيادة التمثيل النسوي، ونجحت مساعي إدخال مكونات جديدة لم يكن لها تمثيل حتى تاريخه، عبر قبول طلبات مجالس “العشائر والقبائل” والتركمان، ورابطة التركمان المستقلين وممثلين عن بعض المكونات الدينية، كالدروز والعلويين، كما أُعيد تشكيل بعض الفصائل العسكرية، وصياغة بعض مواد النظام الداخلي.

شكل تحقيق إصلاح شامل احد هموم القيادة السياسية الحالية، وكان الهدف الرئيسي على قائمة خططها خلال فترتها الرئاسية الدستورية. بداية، انطلقت من رؤية ضرورة تحديد مكامن الضعف، وكيفية معالجتها، في إطار إدراك أهمية إزالة العقبات التي تعيق جهود قيادة الائتلاف لوضع الخطط الصحيحة، وممارسة أفضل السياسات لتنفيذها، في سياق تحسين أداء مؤسسات الائتلاف، وأعضائه، وبما يعزز مصداقية تمثيله لمصالح السوريين، وقدرته على تحسين ظروف حياتهم.

أولاً: خطة الإصلاح:

ضمن هذه الرؤية الشاملة لطبيعة مشروع الإصلاح، تمحورت الخطط والسياسات حول تحقيق مجموعة اهداف متكاملة، وتناولت جوانب محددة.

1- في موضوع التمثيل، توجب العمل على:

أ- وضع آليات دقيقة، تضمن افضل تمثيل للنقابات والاتحادات المهنية والرياضية الشبابية التي تتشكل في المناطق “المحررة”، بما يُتيح لممثليها المشاركة الفاعلة في إنجاح خطط وسياسات مؤسسات الائتلاف المحلية.

ب- استمرار تحديث مكونات المجالس المحلية، لضمان مشاركة الممثلين المنتخبين حديثاً، بما فيها مجالس المهجرين.

ت- تفعيل آليات تمثيل الأحزاب والقوى السياسية والتيارات ذات النفوذ والفاعلية، العاملة على أرض الواقع.

ث- ضمان أفضل تمثيل لمنظمات الجالية العاملة في بلدان اللجوء والمهجر.

ج- ضمان تمثيل فعال لجميع مكونات السعب السوري الدينية والقومية.

ح- توسيع تمثيل المنظمات النسائية، خاصة الأكثر نشاطاً وفاعلية في تحسين ظروف السوريات، وتنظيم ظروف حياتهن.

خ- زيادة أعداد الأعضاء الشباب في هيئات الائتلاف، خاصة الخرجين والمتخصصين في مجالات الإعلام والعلوم السياسية والعلاقات الدولية، والقانون الدولي؛ إضافة إلى المستقلين والتكنوقراط.

2- في مسألة العضوية:

أ- إعفاء أعضاء المكونات التي لم يَعُد لها تمثيل فعلي أو نشاط ملموس على أرض الواقع.

ب- إنهاء عضوية ممثلي المجالس المحلية التي لم يَعُد لها وجود واقعي بفعل تغير مواقع السيطرة العسكرية.

ت- إنهاء عضوية الأعضاء غير الفاعلين بناء على نتائج تقييم واقعي ونزيه لنشاط أعضاء المكونات الحالية، بمشاركة رئيس الائتلاف شخصياً، وعبر لقاءات مباشرة، ووفقا لمعايير قابلة للقياس، كالمشاركة الفاعلة في لجان الائتلاف وجميع الأنشطة التي تقوي الالتزام بنظامه الداخلي ووحدة مكوناته وتعزز آليات عمله، وتحقق الأهداف المرجوة، التي تلبي طموحات وتطلعات الشعب السوري في جميع مواقعه؛ سواء على صعيد الداخل السوري، ومواقع اللجوء، أو على مستوى العلاقات الدولية، العربية والعالمية.

3- على صعيد النظام الداخلي والعمل التنظيمي:

بسبب محدودية إجراءات تعديل بعض مواد النظام الداخلي السابقة، وما نتج عنها من استمرار وجود المعوقات الدستورية التي تحول دون نجاح سياسات الإصلاح، وتمنع تطبيق معايير المساءلة والمحاسبة، وتصيب جميع أوجه النشاط بالركود، والعجز عن مواكبة التغييرات السريعة، توجب تركيز الجهد على إجراء إعادة صياغة شاملة لمواد النظام الداخلي؛ وهو ما حصل عبر لجنة من الاختصاصيين، ذوي الخبرات القانونية، وباختيار أفضل المسودات التي نوقشت بكل شفافية من قبل هيئات الائتلاف السياسية والقانونية، وبعد التصديق عليها من الهيئة العامة. كان من الضروري، بشكل خاص، تعديل القانون الذي يحدد فترة حكم الهيئات الرئاسية والسياسية بعام واحد، لما يسببه من عائق أمام تنفيذ السياسات التي تحتاج لفترات زمنية أطول من الأشهر القليلة المتاحة بين فترتين رئاسيتين.

ثانياً: مراحل تنفيذ خطة الإصلاح الشامل:

فرضت العوائق القانونية التي مثلتها بعض بنود النظام الداخلي إجراء عملية الإصلاح عبر مراحل متتالية:

1- التصويت على إنهاء عضوية اربعة عشرة عضوا من الممثلين الغير فاعلين في مكونات الائتلاف كافة، وبغالبية 64% من إجمالي عدد الأعضاء، ووفقا لأنظمة الائتلاف السارية. في نفس الوقت، تمت الموافقة على استبدال أربعة أعضاء من ممثلي المجالس المحلية، بموجب طلبات استبدال رسمية من مجالس منتخبة حديثاً.

2- عقد اجتماع افتراضي طارئ للهيئة العامة للائتلاف، بتاريخ 7 نيسان، بناء على دعوة موجهة من رئيس الائتلاف. وقد حضره 61 عضواً من إجمالي ٦٨، بعد استقالة عضو واحد في اليوم السابق للاجتماع، وقد تم إقرار النظام الداخلي الجديد، بما نسبته 88% من إجمالي عدد الأعضاء، وبغالبية الثلثين، وفقاً للنظام الداخلي القديم، كما تمت الموافقة على إنهاء عضوية أربعة مكونات من الائتلاف – حركة العمل الوطني، الكتلة الوطنية، الحراك الثوري، والحركة الكردية المستقلة. لقد تم أيضاً منح الثقة لمرشح رئيس الحكومة المؤقتة لشغل منصب “وزير التربية والتعليم”، الدكتور أكرم حجازي، بنسبة 58%.

3- في المرحلة الثالثة، القادمة، ووفقاً للنظام الداخلي الجديد، يجب العمل على إصلاح آليات التمثيل داخل الائتلاف، وفقاً للمحددات السابقة (في موضوع التمثيل). في إتمام هذه الخطوة، ستكون غالبية أعضاء الائتلاف من المقيمين والعاملين في “المناطق المحررة”، داخل سوريا، حيث سيتم الانتهاء من بناء المقر الجديد للائتلاف، المهيأ لممارسة الائتلاف غالبية أنشطته ومهامه من داخل سوريا.

في تقديري، رغم واقعية الفرصة المتاحة لإعادة تأهيل سلطات “المناطق المحررة”، و”غير المحررة”، أيضاً، في سياق توافقات صفقة ثلاثية الأطراف – أمريكية – روسية/تركية – إيرانية إسرائيلية/سورية – لتثبيت حدود الوقائع الجيوسياسية القائمة على الارض، التي فرضتها موازين القوى العسكرية، وشرعنها الاتفاق الروسي التركي في آذار 2020، تبقى آمال وطموحات السوريين، في جميع المناطق، أعلى من سقوف سياسات وأدوار سلطات الأمر الواقع، وبما يراكم عوامل انفجارات شاملة، قد تُعيد الكرة إلى ملعب السوريين مرة ثانية، رغم ما لحق بمقومات الدولة السورية، وفي مقدمتها وحدة السوريين، من تدمير شامل!!


[1]– تأسس “الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة” بتاريخ 11 تشرين الثاني 2011، في العاصمة القطرية، الدوحة، وانتخب الداعية “معاذ الخطيب” الرئيس الأول له، تكون من 63 مقعداً، ومثل أعضاؤه معظم “قوى المعارضة”؛ المجلس الوطني، الهيئة العامة للثورة السورية، لجان التنسيق المحلية، المجلس الثوري لعشائر سوريا، رابطة العلماء السوريين، واتحادات الكتاب، والمنتدى السوري للأعمال، وتيار مواطنة، وهيئة أمناء الثورة، وتحالف معاً، الكتلة الوطنية الديمقراطية السورية، والمكون التركماني، والمكون الآشوري السرياني، والمجلس الوطني الكردي، والمنبر الديمقراطي والمجالس المحلية لكافة المحافظات، إضافة الى بعض الشخصيات الوطنية والمستقلين. لقد حصل الائتلاف على اعتراف أنظمة “مجلس التعاون الخليجي” و”الجامعة العربية” (ما عدا الجزائر ولبنان والعراق) في 12 تشرين الثاني 2012، وفي نفس الفترة، حصل على اعتراف “الولايات المتحدة، فرنسا، تركيا، الدنمارك، المملكة المتحدة، وإيطاليا.

[2]– في شرحه لظروف الاصلاح الموضوعية، يضيف الأستاذ “أسامة آغي” في مقاله حول مشروع إصلاح الائتلاف عوامل خاصة:

“الشروط الموضوعية متوفرة لتكون دافعاً حقيقياً للإصلاح، فبنية سياسية كبنية الائتلاف قبل بدء عملية الإصلاح، لم تكن سوى بنية معطلة، ويأتي تعطيلها من اتخاذها رهينة لمصالح فئوية، وهذا شرط رئيس للإصلاح.

ومن الشروط الموضوعية الأخرى أن تكون مكونات هذه البنية ذات فعالية واضحة، تظهر فعاليتها من خلال أثرها السياسي على الحاضنة الشعبية والثورية.

Autore Redazione Arabia Felix

Arabia Felix raccoglie le notizie di rilievo e di carattere politico e istituzionale e di sicurezza provenienti dal mondo arabo e dal Medio Oriente in generale, partendo dal Marocco arrivando ai Paesi del Golfo, con particolare riferimento alla regione della penisola arabica, che una volta veniva chiamata dai romani Arabia Felix e che oggi, invece, è teatro di guerra. La fonte delle notizie sono i media locali in lingua araba per dire quello che i media italiani non dicono.

Exit mobile version