تشكّلت حركة التحرير والبناء المنتظمة ضمن قوات الفيلق الأول التابع للجيش الوطني السوري بتاريخ الخامس عشر من شهر شباط عام 2022، حيث نشرت الحركة بيان تأسيسها، وجاء في البيان أن الحركة تشكلت من اتحاد أربعة فصائل هي (حركة أحرار الشرقية، وجيش الشرقية، والفرقة العشرون، ولواء صقور الشام القطاع الشمالي).
الحركة في بيان تأسيسها قالت: إنها ثابتة على مبادئ الثورة وأهدافها، وتعمل على الحفاظ على وحدة الأراضي السورية أرضاً وشعباً، وأنها ستساهم في بناء نظام عادل يصون حرية المواطنين وكرامتهم، وهي ستساعد في استقرار الوضع الأمني في الشمال المحرر، وتعمل على تحسين سبل العيش الكريم للمواطنين السوريين في أماكن تواجدها.
هذا البيان، رسم بصورة عامة المهام والأهداف التي ستعمل عليها حركة التحرير والبناء من خلال الجيش الوطني السوري، وقد أثبتت الحركة أنها تنفّذ مهاماً غير عسكرية (اجتماعية) تخصّ حاضنتيها الشعبية والثورية في الشمال المحرر. كما أنها تقوم بمهام التصدي للميليشيات المعادية والمختلفة الأجندات خارج مربع الثورة السورية ومصالح الشعب السوري الثائر على الاستبداد الأسدي، مثل ميليشيا نظام أسد، والميليشيات الداعمة له، القادمة من خلف حدود سورية لنصرته (ميليشيات شيعية)، وميليشيات عابرة للوطنية، تمثلها ما يسمى “قوات سوريا الديمقراطية”، التي تسيطر عليها كوادر الـ PKK.
استطاعت حركة التحرير والبناء أن تُدخلَ في وعي الشعب السوري في مناطق نفوذها، أنها سندهم في الحماية وتطوير الوضع المعيشي العام لهم، وأنها حركة منضبطة وترفض أي محاولة لزرع الفوضى أو تهديد الحياة الآمنة.
لكن وزارة الدفاع في الحكومة المؤقتة، التي تشرف على قوات الجيش الوطني السوري بكل فيالقه وإداراته، لم تول مهمة زعزعة وجود ميليشيات قسد أي أهمية خاصة، فالمحافظات الثلاث (دير الزور، الرقة والحسكة) التي تشكّل ما يُطلقُ عليه شرقي الفرات، هي من تنحدر منها غالبية مقاتلي حركة التحرير والبناء.
هذا العامل هامٌ في أمر طرد قوات قسد من المنطقة الشرقية، وهو أمرٌ لم تدرجه وزارة الدفاع في الحكومة المؤقتة ضمن رؤيتها ومهامها.
إن بقاء الحال في القضية السورية على ما هو عليه يضرّ كثيراً بالقضية الوطنية، هذا الضرر، يأتي من جهود تبذلها الميليشيات العابرة للوطنية في ترسيخ وجودها عبر برامج سياسية وثقافية وتعليمية وأمنية، وهذا يتطلب زعزعة استقرار هذه المليشيات الغريبة عن المحافظات الثلاث، عبر استراتيجية العمل خلف خطوط العدو على مبدأ (اضرب واهرب).
هذه الاستراتيجية تحتاج لتوفير ظروف لتنفيذها، أول هذه الظروف، هو خلق بؤر ثورية مدربة عسكرياً ولوجستياً، تستطيع تنفيذ مهام بصورة (حرب العصابات الثورية)، فهذا النوع من القتال ينهك العدو، ويجعله في حالة رعب دائمة، فهو لا يواجه جيشاً مقابل جيش، وإنما خلايا ثورية قادرة على الفتك به دون أن يستطيع تحديد أماكن وجود هذه الخلايا التي تبقى في حالة حركة دؤوبة.
إن مناطق المحافظات الثلاث هي المناطق الأكثر ثروات اقتصادية في سورية، حيث تستفيد ما يسمى قوات سوريا الديمقراطية وأداتها (الإدارة الذاتية) من هذه الثروات، فهي تستفيد من مياه نهرين كبيرين زراعياً (دجلة والفرات)، وتستفيد من الثروة النفطية والغازية في هذه المناطق، إذ تحتمي بالقوات الأمريكية التي تدعي أنها أتت لمحاربة ميليشيات إرهابية (تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام “داعش”).
إن حرمان هذه الميليشيات من هذه الثروات لن يتم بعمل عسكري واسع للجيش الوطني السوري، وإنما يمكن أن تلعب حرب العصابات الثورية خلف خطوط العدو دوراً هاماً في إنهاك الميليشيات القادمة من جبال قنديل والمعادية لوحدة واستقلال سورية، ومعادية للدولة التركية وأمنها القومي.
إن إنهاك ميليشيات قسد ممكن إذا وضعت وزارة الدفاع في الحكومة المؤقتة بالتعاون مع حلفائها استراتيجية لذلك، وهذا لا يمكن أن يتمّ في ظل الظروف الحالية للصراع في سورية وعليها بدون حركة التحرير والبناء، التي ينحدر قادتها ومقاتلوها في انتمائها من هذه المنطقة.
إن خلق قاعدة من البؤر الثورية في مناطق شرقي الفرات هي مهامٌ تستطيع تنفيذها حركة التحرير والبناء، فهي أدرى بأهل هذه المناطق من حيث الانتماء والهوية والعلاقات الاجتماعية، ولذلك يجب وضع رؤية متكاملة لهذا الجهد الثوري الوطني، والذي سيدمّر أوهام المليشيات العابرة بتحقيق حلمها الطوباوي بإقامة دولة كردية على حساب الشعب السوري وشعوب المنطقة.
فهل ستذهب وزارة دفاع الحكومة المؤقتة إلى هذا الخيار الاستراتيجي؟ وهل ستوظف له إمكانات محدودة، ولكنها فاعلة؟ وهل حركة التحرير والبناء ستعيد النظر بقواعد الاشتباك مع الميليشيات المعادية والعابرة للوطنية التي تمثلها ما تسمى “قوات سوريا الديمقراطية”، عبر العمل وفق ما يطلق عليه حرب العصابات الثورية خلف خطوط العدو؟.
إن الجواب على هذه الأسئلة وغيرها والمتصلة بهذا الأمر، هو من شأن وزارة دفاع الحكومة المؤقتة، ومن شأن حركة التحرير والبناء، باعتبارها حركة تنحدر وطنياً وجغرافياً من هذه المناطق، وهي الأكثر قدرة على لعب هذا الدور الثوري الهام.
الأمر يتعلق برؤية استراتيجية لهذا الأمر، وهي مهام ذات شقين عسكري ثوري، وسياسي ثوري، والشق الثاني هو من مهام المكتب السياسي لحركة التحرير والبناء، هذا المكتب يجب أن يبادر إلى المساعدة في ولادة البؤر الثورية في مناطق الجزيرة والفرات.
Autore Redazione Arabia Felix
Arabia Felix raccoglie le notizie di rilievo e di carattere politico e istituzionale e di sicurezza provenienti dal mondo arabo e dal Medio Oriente in generale, partendo dal Marocco arrivando ai Paesi del Golfo, con particolare riferimento alla regione della penisola arabica, che una volta veniva chiamata dai romani Arabia Felix e che oggi, invece, è teatro di guerra. La fonte delle notizie sono i media locali in lingua araba per dire quello che i media italiani non dicono.